العلاقات السورية الرومانية تاريخ حافل بالصداقة المشتركة
مؤسسة القناة الإعلامية للبنت السورية - الموقع الرسمي
بقلم الدكتورة حنان نورا الحايك
##############################
بالرغم من الحرب الشرسة التي تعاني منها سورية وتكالب أغلب الدول الأوروبية عليها ، إلا أن رومانيا تعتبر من بين أكثر الدول الأوروبية قرباً من سوريا بالإضافة إلى أوكرانيا ، فبالرغم من تطبيق بعض العقوبات من قبل الدولة الرومانية بالإكراه والضغط الغربي على سورية مثل حظر الطيران المدني إلا ان رومانيا بالمقابل لا تزال تتواصل مع سوريا من خلال ميناء كونستانزا البحري المطل على البحر الأسود والذي يعتبر الميناء الأوروبي الوحيد الذي لم يغلق في وجه السفن السورية بالرغم من الضغوط الغربية الكثيرة على رومانيا لإغلاقه في وجه السفن السورية
وهناك مؤشرات كثيرة على ان رومانيا في صميمها ترفض قطع العلاقات مع سوريا ولكنها أجبرت في الكثير من الأحيان لتطبيق بعض العقوبات والقرارات رغماً عنها ، فعلى سبيل المثال يذكر ان ضغوطاً كثيرة فرضت أيضاً على رومانيا لطرد السفير السوري من بوخارست إلا أن رومانيا رفضت ذالك ، بل وقامت بمحاسبة بعض المتمردين مما يسمى بالمعارضة السورية في رومانيا لقيامهم بمحاولة إقتحام السفارة السورية في بوخارست شتاء العام الماضي وفرضت عليهم غرامات مالية كبيرة لقيامهم بهذا العمل
أما الإعلام الروماني وبالرغم من سيره في خط التظليل إلى جانب القنوات الفضائية الأوروبية الأخرى , علماً بأن الإعلام في رومانيا يتبع لجهات خاصة ، إلا أنه عرض في كثير من الأحيان حقيقة ما يجري في سورية و وصف المقاتلين في سورية بالإرهابيين بعكس ما وصفتهم القنوات الأوروبية الأخرى بالثوار ، وبين الإعلام الروماني العديد من جوانب الإرهاب المتبع في سوريا مثل الإغتيالات والتفجيرات الإرهابية وعمليات الخطف ، وقام في كثير من الأحيان أقتباس مشاهد من الفضائية السورية وعرضها كان آخرها تفجير حي المزرعة في دمشق
من الجانب الأمني يذكر ان رومانيا وقعت مع سوريا إتفاقية تعاون إستخباراتي وأمني لمكافحة الإرهاب تحديداً في عام 2010 عندما قام السيد الرئيس بشار الأسد بزيارة رومانيا ، وهناك مصادر من كلا الطرفين لم تخفي التعاون بين أجهزة الأمن السورية والرومانية في هذا الصعيد ، علماً بأن كافة أجهزة الأمن العالمية تتفق فيما بينها بشأن مكافحة الإرهاب وخاصةً التطرف الديني والتجمعات الإرهابية وغسل الأموال لدعم نشاطات الإرهاب
( السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد و زوجته المحترمة السيدة أسماء يتناول العشاء مع الرئيس الروماني السيد تريان بسيسكو و زوجته المحترمة السيدة ماريا في بوخارست 2010 )
على مدى أكثر من خمسة عقود ترسخت العلاقات السورية الرومانية على أساس من الصداقة العميقة والاحترام المتبادل ما يؤسس لشراكة إستراتيجية حقيقية وتعاون مثمر على المستويين الثنائي والإقليمي.
ورومانيا إلى جانب علاقاتها التاريخية المتميزة مع سورية على مدى عقود تشكل بحكم موقعها على الساحل الغربي للبحر الأسود إلى جانب كل من سورية وتركيا وبلغاريا عنصرا مهما في الخريطة الإقليمية التي توليها دمشق أهمية كبيرة بالنظر إلى الآفاق المستقبلية الواعدة لهذه الدول في قيام شبكات البنية التحتية لإمدادات الطاقة من نفط وغاز وكهرباء والتي تشكل عصب الحياة الاقتصادية في العالم وتضطلع بدور حاسم في صياغة السياسات الدولية مستقبلا.
وعلى المستوى الثنائي العلاقة السورية الرومانية متميزة تاريخيا وساهمت الشركات الرومانية في تنفيذ العديد من المشاريع الاقتصادية الحيوية في سورية كمصفاة بانياس ومشاريع لتجميع الغاز ومشاريع في إنتاج الفوسفات وغيرها وتأمل دمشق بإعادة الحيوية والدفء إليها وخصوصا في ظل وجود جالية سورية ناشطة في رومانيا يزيد عددها على عشرة آلاف شخص وجالية رومانية في سورية يتجاوز عددها الأربعة آلاف شخص وما يمكن أن تشكله هذه الجالية من حامل لحركة التبادل التجاري بين البلدين.
بالمقابل تتوجه رومانيا إلى إحياء علاقاتها مع شركائها التقليديين في الشرق الأوسط بعد أن فرضت التطورات بداية التسعينيات على بخارست الانشغال بوضعها الداخلي وإعادة هيكلة اقتصادها تمهيدا للانضمام إلى حلف الناتو والاتحاد الأوروبي وجاءت زيارة الرئيس باسيسكو إلى دمشق عام 2008 خطوة أولى في طريق استعادة العلاقات التقليدية التي ربطت البلدين على مدى عقود وفتح افاق جديدة للتعاون الثنائي.
وشهدت العلاقات الثنائية دينامية جديدة منذ عام 2007 حيث عمل الجانبان في إطار ورشة عمل مكثفة لإعادة مسار العلاقات إلى وضعه الطبيعي حيث وقع البلدان اتفاقية التسوية المالية التي أنهت المسائل المالية العالقة بين البلدين كما تم توقيع اتفاقيات تعاون في مجال التشاور السياسي وتشجيع وحماية الاستثمار ومنع الازدواج الضريبي وإعفاء البعثات الدبلوماسية من ضريبة القيمة المضافة واتفاقيات في مجال الزراعة والنقل البحري والإعلام.
( السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد يضع أكليل زهور على نصب شهداء الجيش والقوات المسلحة الرومانية في بوخارست 2010 )
وتعكس سلسلة اللقاءات الاقتصادية المهمة التي عقدها البلدان منذ عام 2008 لبحث فرص التعاون الممكنة وإزالة العقبات التي تعترض سبيل العلاقات الاقتصادية حرص الجانبين على استعادة زخم العلاقات التقليدية التي ربطت البلدين حيث عقد منتدى الأعمال السوري الروماني بدمشق 2009 كما شهد العام الجاري حركة لقاءات مكثفة تمثلت بانعقاد أعمال اللجنة السورية الرومانية المشتركة في أيار الماضي وإطلاق مجلس الأعمال السوري الروماني الذي يفتح المجال أمام القطاع الخاص في البلدين للمساهمة في النهوض بالعلاقات الاقتصادية الثنائية.
وتتمتع كل من سورية ورومانيا بموقع استراتيجي يجعل من فرص التعاون واعدة في مجالات النقل البري والبحري والجوي وفي مجالات إمدادات الطاقة حيث يجري الإعداد لافتتاح خط ملاحي سريع بين ميناء اللاذقية على المتوسط وميناء كونستانتسا الروماني على البحر الأسود بهدف تسهيل وتنشيط حركة التبادل التجاري والسياحي بين البلدين كما يدرس الجانبان تطبيق الإعفاءات من الرسوم على النقل البري.
ان العلاقات بين الشعبين السوري والروماني كانت وطيدة دائما سواء على المستوى الثقافي أم الاجتماعي أم على مستوى التعليم فقد تخرج في الجامعات الرومانية نحو 20 ألف سوري كما أن سورية تحتضن جالية رومانية هي من أهم الجاليات الرومانية في العالم تقدر بنحو 4200 شخص كما توجد جالية سورية ناشطة جدا في رومانيا وتعمل لمصلحة تعزيز العلاقات بين البلدين.
( من الشخصيات التاريخية للجالية : السيد وليد المعلم وزير الخارجية والمغتربين الحالي للجمهورية العربية السورية ، عين سفيراً لسورية في بوخارست رومانيا بين الأعوام 1975 - 1980 )
ان التعاون الثقافي متميز وتفكر الحكومة الرومانية بإقامة معهد ثقافي روماني بدمشق وتم في بداية العام افتتاح مدرسة رومانية بدمشق بدعم من وزارة الثقافة السورية حيث خصصت صفين دراسيين للمدرسة في المركز الثقافي العربي بكفرسوسة وتقدم 60 شخصا للدراسة فيها من أبناء الجالية الرومانية ومن السوريين.
وتصدر رومانيا إلى سورية الأدوات والمعدات الصناعية الثقيلة والمحركات الكهربائية وآلات الحفر والمحولات والخشب والأنابيب والمواشي والجوز فيما تصدر سورية إلى رومانيا الخضراوات والقطن والمصنوعات السكرية والألبسة والأقمشة والسجاد والأحذية وشهد حجم التبادل التجاري بحسب السفير ساندوفيتش ارتفاعا عام 2009 بنسبة 20 بالمئة وبلغ نحو 150 مليون دولار كما زاد حجم التبادل التجاري في الأشهر الثمانية من العام الجاري بنسبة 20 بالمئة مقارنة بعام 2009.
ورومانيا التي تبلغ مساحتها 4ر238 ألف كيلومتر مربع وعدد سكانها 5ر21 مليون نسمة تقع على الساحل الغربي للبحر الأسود وتشكل حلقة وصل بين أوروبا وآسيا وتتميز بتنوع طبيعتها ومناخها وتغطي الغابات 13 بالمئة من مساحتها.. مناخها انتقالي بين المعتدل والقاري بارد شتاء وحار صيفا.
السياحة متطورة في رومانيا وتحتل بحسب الإحصاءات الدولية المرتبة الرابعة عالميا من حيث نمو الطلب على السياحة حيث بلغ 8 بالمئة عام 2008 وفي عام 2006 سجلت رومانيا 20 مليون ليلة فندقية وجذب قطاع السياحة في عام 2005 استثمارات تقدر ب 400 مليون يورو ويعتمد الاقتصاد الروماني على الخدمات بنسبة 55 بالمئة والصناعة بنسبة 35 بالمئة فيما تشكل الزراعة 10 بالمئة منه.. رومانيا عضو في الإتحاد الأوروبي منذ عام 2007 وفي الناتو منذ عام 2004 .
مؤسسة القناة الإعلامية للبنت السورية - الموقع الرسمي
بقلم الدكتورة حنان نورا الحايك 2013/02/25