بالصور.. مأساة أهل مخيم اليرموك على لسان أهله
مؤسسة القناة الإعلامية للبنت السورية / قسم الأخبار في الموقع الرسمي
إعداد د.حنان نورا الحايك 2014/03/04
##################################
على أحد أرصفة مخيم اليرموك تجلس الجدة أم هيثم تعبة مرهقة من محاولات إيجاد ما تسد به رمق عائلتها لكنها قوية مصرة على البقاء "لن أترك منزلي للغرباء لن أسمح لهم بسرقة ما تعبنا سنوات لجنيه"
جاءت أم هيثم إلى سورية فتاة ذات 17 ربيعا حاملة معها حلم العودة إلى فلسطين واليوم بعد 46 عاما اختصرت أحلامها إلى إشباع عائلتها المكونة من ستة أولاد و19 حفيدا وحمايتهم من مخاطر تتربص بهم في كل زاوية بالمخيم من الخطف إلى القتل إلى الموت جوعا
وتقول الجدة أم هيثم "دخل غرباء ومسلحون إلى المخيم فدمروا بيوتنا وسرقوا أشياءنا ومنعوا عنا الطعام والشراب والدواء كنا نضطر لشراء الغذاء منهم بأسعار خيالية لنسد جوع أطفالنا.. سعر كيلو الرز وصل إلى عشرة آلاف ليرة سورية ورغيف الخبز إلى 100 ليرة سورية فاضطررنا لتناول الماء المغلي مع البهارات وأعشاب برية من بساتين المخيم التي تسببت بتسمم عدد كبير من الأطفال"
وبحكمة صنعتها سنواتها الخمس والستين تجيب أم هيثم "لا استغرب من صمت العالم عن مأساة أهل المخيم بل ودعمهم للمسلحين والإرهابيين والتكفيريين لقتل سكانه فقد صمت سابقا عن مأساة الفلسطينيين ودعم الاحتلال الإسرائيلي بكل ما أوتي من قوة ومال وسلطة"
تتوقف أم هيثم عن الكلام فجأة وتقف بمساعدة عكازها الخشبي وتذهب باتجاه جارتها بديعة الخطيب لتسألها عن خبر يسر خاطرها لكن الأخيرة تهز رأسها بالنفي فلا تقدم بالمصالحات ولا مساعدات ولا بارقة أمل تفك حصارهم ترحل أم هيثم وتترك بديعة وحيدة مع أولادها الستة أو ما تبقى من أولادها بعدما خطف الجفاف طفليها
وبكلمات قليلة ودموع كثيرة تخبرنا بديعة "صار الشارع منزلنا بعدما دمر المسلحون بيتي وأحرقوه وخطفوا زوجي ولا نعرف عنه شيئا حتى الآن" وبسخرية تتابع "لا أعرف ماذا أريد بالتحديد طعاما لأطفالي أم منزلا يأويهم أم خبرا عن زوجي قد يحتاج الأمر لأعجوبة"
وتسأل بديعة التي لم تتجاوز الثلاثين من عمرها عن سيجارة تنسيها همومها وتقول ساخرة "المسلحون هنا يبيعون السيجارة مقابل تلفاز"
تتشابه الوجوه هنا فقد وحد ملامحها الحزن وتتشابه التفاصيل والقصص والمعاناة وبالإضافة إلى الجوع والخوف والقلق أكثر ما يحزن العم أبو رياض تصرفات بعض الشباب الفلسطيني ويستغرب" كيف يحرف هؤلاء الشباب بندقيتهم عن قضيتهم ويرفعوها بوجه أخوتهم وجيرانهم وأصدقائهم ويشاركون بخراب سورية التي شرعت لهم أبوابها ووقفت إلى جانبهم مدافعة عن حقهم باستعادة أرضهم من الكيان الصهيوني"
ويعجز أبو رياض على الرغم من سنواته السبعين عن إيجاد إجابات لتساؤلات تهز كيانه ويقول "أي دين وأخلاق يمثل هؤلاء المجرمون ماذا يريدون من حصار السكان وتجويعهم وتدمير بيوتهم" ويرفع كيسا من علب الأدوية الفارغة ويستجدي صارخا "طلبت منهم بعض الأدوية علها تسكن آلامي الجسدية التي هي أهون علي من الآلام التي سببها دخولهم للمخيم فمنحوني أدوية منتهية الصلاحية.. إنهم يريدون قتلنا بأي طريقة لقد وجدنا منذ عدة أيام عائلة ماتت بأكملها بسبب الجوع"
وتصف السيدة أم عمار بكلمات مليئة بالحزن والحسرة "كنا نعيش بأمان وكأسرة واحدة الجار يحب جاره إلى أن دخلت المجموعات التكفيرية إلى المخيم من محاور الحجر الأسود والتضامن ويلدا وروعت الناس الامنين وسرقت منازلهم ومحلاتهم ومخزوننا من الأدوية والطحين والمؤن وداهمت بيوت اللجان التي كانت معنية بحماية المخيم وقتلت كل شخص كان يقف في وجه إجرامهم" معتبرة "أنه كان بمقدور الجيش العربي السوري دخول المخيم وتطهيره لكن تركه لأبنائه لحل مشاكلهم بأنفسهم محاولة منه لتجنيب المدنيين المخاطر لكن الحياة باتت لا تطاق هنا"
كان الجميع هنا بانتظار نجاح المبادرة السلمية الشعبية لحل أزمة المخيم التي بدأ تنفيذها منذ شهر بدعم من الحكومة السورية والتي استطاعت إدخال أكثر من 8000 سلة غذائية وإخراج نحو 4000 حالة مرضية لكن عودة إرهابيي /جبهة النصرة/ إلى المخيم مجددا سرقت الحلم في بدايته والأمل بإنهاء معاناة سكانه وإعادة الأمان والاستقرار إلى أرجائه وتوفير أبسط مستلزمات الحياة
توقفت المبادرة وتوقفت معها مظاهر الحياة في المخيم حتى إشعار آخر لكن الجدة أم هيثم ستواصل الحديث لأحفادها عن قصة غرباء دخلوا بيوتهم وسرقوا حاضرهم وربما مستقبلهم
مؤسسة القناة الإعلامية للبنت السورية
قسم الأخبار في الموقع الرسمي 2014/03/04