أسد سوري يفارق الحياة
ويجرح قلب صديقه الذي رباه ..
دمشق سوريا - حديقة حيوانات الغوطة : 2012/02/15
فارق الحياة صباح هذا اليوم أسد سوري نازع المرض بقوة عجيبة ، ككل الأسود الشامخة التي تستسلم للموت ولا تخضع للأعداء .. تاركاً في نفس من أحبه ورباه جرحاً وألماً كبيراً .. هو (الأسد جاكوار) .. أسد سوري جميل جداً من حديقة حيوان غوطة دمشق تربى على يد المربي عيسى حنين الذي كان له أباً وأماً
يا صديقي ... كم صعب هو فراقك
و وسط الدموع والألم على فراق (جاكوار) وجد المربي عيسى حنين الذي هو صديق للقناة الإعلامية للبنت السورية القوة ليكتب لنا وأن يروي فاجعة رحيل صديقه الوفي من دون وداع فيقول لنا :
" جاكوار قمت بتربيته منذ أول ساعة في حياته عندما ولد وكان رضيعاً .. كنت أرضعه بيدي ليكبر يوماً بعد يوم ، فأصبحت أنا بالنسبة له الأم والأب وكل شيء في حياته .. علماً أن والديه قد توفيا في يوم بنفس تاريخ اليوم أي 15 عندما كان عمر جاكوار 5 أشهر بنفس المرض سبحان الله "
صورة للمربي عيسى حنين مع جاكوار
ويضيف المربي عيسى .. " كان يرافقني حيثما اذهب وياما كان ينام معي ! وكان يلعب معي ويواسيني وعندما أكون حزيناً كنت أحاول أن أتظاهر له بأنني سعيد ولكنني كنت افشل بخداعه وكأنه كان يشعر بأنني حزين ويقرأ ما في نفسي ... وبعد ان اصبح عمره حوالي السنة وكنت أدخل اليه كان يركض سعيداً ليعانقني ويلعب معي ، وقد اصبح جاكوار كبيراً وجميلاً "
" عندما أصبح عمر جاكوار حوالي السنة ونصف السنة قمنا بالتمثيل سويةً في مسلسلين وهما : مسلسل كليوباترا و مسلسل سائرون نياماً ، وعندما أصبح عمره السنتين بلغ ذروة حجمه الطبيعي وبدأ جاكور يحتل كل شيء في حياتي وكان صديقاً وفياً يشعر بكل ما اشعر به وكان يضع رأسه الكبير في حضني ويداعبني تعبيراً عن محبته لي .. كان كل شيئ في حياتي وأنا في حياته "
الأسد السوري الذي صارع المرض ومات بعيداً عن عيون صديقه
ويضيف المربي عيسى حنين .. " تزوج جاكور من لبوة جميلة مثله منذ خمسة أشهر وكنت سعيداً جداً به لأنه أصبح رب اسرة ، كنت أفهم كل ما يريده من نظرته وكان هو ايضاً يفهم كل ما اريده منه .. فقد كنت أخرجه إلى خارج الحديقة وأتمشى معه دون أن اربطه فيسير بجانبي كما لو كنا صديقين حميمين وكانت الناس تتعجب عندما ترانا ... كانت الناس مع مرور الأيام تقول لي ان لا أتمن له لأنه حيوان مفترس وقد يشكل خطراً على حياتي إلا أنني كنت لا اكترث لهم واتشاجر معهم وأقول لهم أنها حياتي وأنا حر فيها وأذا أفترسني جاكوار أنا أوافق إلا انني كنت واثقاً منه بأنه لن يغدر بحبيبه "
" ويوم الخميس بتاريخ 2012/02/09 ذهبت لأراه فلاحظت انه في حال غير طبيعية وأن تصرفاته تغيرت وبدت غريبة .. وفجأة رأيت دماءً على الأرض ! فقلت يا رب أستر .. فناديت عليه صوتاً وكان نائم فأستيقظ وأتى ألي سريعاً وبدأت أتفقده شعرة بشعرة إلا انني لم اجد شيئاً ، فقمت بأطعامه ولعبت معه قليلاً ومضى الوقت سريعاً "
" وفي اليوم التالي أي يوم الجمعة .. بدأت الحظ نزول مادة سائلة من انفه فتذكرت المرض الذي ادى لوفاة أمه وأبيه وركضت فوراً لأحضر له طبيب بيطري إلا أنني لم أستفد شيئاً لأن الطبيب البيطري الذي اتى يبدو أنه لم يستطيع تشخيص حالته ، وقمت بالتكلم مع ثلاثة أطباء مختصين من فرنسا وبريطانيا وإطاليا وقاموا بعقد أجتماع من أجله وأعطوني لاحقاً أسم المرض وهو (باستوريلا) نوع من انواع الطاعون والأنفلونزا معاً الغير معدية للبشر .. وأعطوني أيضاً أسم الدواء لهذا المرض فذهبت لإحضاره ولكن عندما رجعت ... فارقني صديقي ورحل عن هذه الدنيا دون أن يودعني كأنه أنتظرني لأذهب كي يموت بعيداً عن أنظاري "
الأسود السورية تموت ولا تركع إلا لله
دماء الصديق الوفي ..
------------------------------
الدكتورة حنان البنت السورية .. إلى الأخ عيسى حنين
بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله .. أتوجه بأحر التعازي لك أخي عيسى فأنا أدرك تماماً مدى الحزن والألم الذي يراودك الآن ، وأطلب منك التسليم لقضاء الله وقدره فلا بد عليك أن ترضى بالقضاء، هذا هو حلك الوحيد وليس لك حلاً غيره، وأن تسلم الله عز وجل فيما اختار ولا تعترض على ربك فيما فعل ، إننا جميعاً راحلون عن هذه الدنيا وقصتك التي ارسلتها لنا هي أكبر عبرة عن الصداقة الحقيقية التي للأسف لا نجدها عند أغلب البشر في يومنا هذا
وداعاً يا صديقي .. سأتذكرك دوماً
وقد أحزنتني قصتك كثيراً لأنها ذكرتني بالقائد الخالد حافظ الأسد رحمه الله .. أسد سورية الجبار الذي عارك الأعاصير الهوجاء وأستسلم للموت دون أن يوقع صك الأعداء .. إن جاكوار هو أسد سوري يمثل كل مواطن عربي سوري كان وفياً لأخوته العرب الذين تخلوا عنه .. نعم أسود سورية تموت ولا تخون الصداقة !
كتبتها الدكتورة المناضلة حنان نورا الحايك البنت السورية
نهضة المقاومة النسائية السورية
بوخارست رومانيا - 2012/02/15
