أردوغان وما وراء قبر "سليمان شاه"
مؤسسة القناة الإعلامية للبنت السورية
إعداد فريق قسم الأخبار في الموقع الرسمي 2015/02/23
##################################
نحو 100 عربة عسكرية للجيش التركي بينها 39 دبابة و57 عربة مدرعة مع 572 جنديا بينهم قوات خاصة، مدعومين بطائرات مقاتلة وطائرات استطلاع، تعبر الحدود الدولية وتتوغل في الاراضي السورية الى عمق 40 كيلومترا مساء السبت 21 شباط / فبراير، وتحديدا عند الساعة التاسعة مساء وتبقى هناك حتى فجر اليوم التالي، والهدف هو نقل قبر سليمان شاه جد مؤسس الامبراطورية العثمانية، والجنود الذين يحرسون القبر وعددهم 38 جنديا، ليس الى الاراضي التركية بل الى منطقة سورية اخرى إلى الشمال من قرية آشمة القريبة من الحدود التركية الى الغرب من بلدة كوباني، ريثما تستقر الاوضاع لاعادته حيث كان.
في اليوم التالي قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو في مؤتمر صحفي ظهر الى جانبه وزير الدفاع عصمت يلماز وقائد الجيش الجنرال نجدت اوزل، "كانت عملية ناجحة للغاية ولم نفقد أيا من حقوقنا بموجب القانون الدولي." وإن تركيا لم تطلب إذنا ولا مساعدة في المهمة لكنها أبلغت حلفاء في التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية بمجرد بدء العملية.
وكشف داود اوغلو أن قوات تركية أخرى مصحوبة بالدبابات دخلت في نفس الوقت إلى محيط قرية “آشمة” السورية، وسيطرت على قطعة أرض بالمنطقة ورفعت العلم التركي عليها، تمهيدًا لنقل رفات "سليمان شاه" اليها.
المعروف ان سليمان شاه هي قطعة ارض تبلغ مساحتها بضع مئات من الامتار المربعة وتضم قبر سليمان شاه هو جد عثمان الأول الذي أسس الامبراطورية العثمانية عام 1299 ، والذي قتل في البادية السورية في القرن الثالث عشر فيما كان يهرب امام زحف المغول، وتعتبر هذه الارض تركية وفقا للاتفاقية الموقعة عام 1921 بين تركيا وسلطة الاحتلال الفرنسي انذاك، الا انه وفقا لهذه الاتفاقية لا يسمح الا بوجود اربعين جنديا تركيا لحراسة الضريح، كما لا يحق لتركيا اتخاذ اي اجراء ازاء هذه الارض دون موافقة الحكومة السورية.
واتصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هاتفيًا بكل من رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، ورئيس هيئة الأركان نجدت أوزال” وقائد القوات البرية خلوصي أكار، وهنأهم على نجاح عملية ضريح "سليمان شاه" وقال ان الضريح، وهو أمانة من أجدادنا ، وسيستمر في إحياء ذكرى أجدادنا.
رئيس الائتلاف السوري المعارض خالد خوجا، اعرب عن ارتياحه عن إتمام العملية التركية لتأمين ضريح “سليمان شاه”، وحراسه وقال في مؤتمر صحفي عقده في إسطنبول الأحد، ان "العملية تمت ضمن عِلم الائتلاف رسميًا، كما تم التنسيق مع قوى الجيش الحر لإتمام العملية .. وأن تركيا اتخذت هذه الخطوة في إطار الحفاظ على سلامة الإرث التاريخي المشترك للشعب السوري والتركي".
اما الحكومة السورية فنددت بالتوغل العسكري التركي في الاراضي السورية ووصفته بانه عدوان سافر وانتهاك لاتفاق 1921 ، وأن تركيا تتحمل مسؤولية انتهاكها للاتفاقية لأنها لم تنتظر موافقة دمشق قبل أن تنفذ العملية.
هذا كان كل ما تناقلته وكالات الانباء حول العملية العسكرية التركية داخل الاراضي السورية ليل السبت 21 شباط / فبراير وفجر اليوم الثاني الاحد، لنقل قبر جد مؤسس الدولة العثمانية سليمان شاه، ومن حق كل دولة وليس الدولة التركية فقط، الدفاع عن تاريخها ورموزها، ولكن ليس على الطريقة الاردوغانية، فحكاية اردوغان وعلاقته العاطفية بقبر جده سليمان شاه، تثير لدى المتابع الموضوعي تساؤلات لا تقف امامها عاطفة العثمانيين الجدد في تركيا وفي مقدمتهم اردوغان وحزبه بالتراث العثماني، منها:
-لماذا اختار اردوغان هذا الوقت بالذات لنقل رفات "سليمان شاه"، رغم ان "داعش" تحاصر القبر منذ ثمانية شهور؟
-اليس من حق المراقب ان يربط هذا التوقيت بالانجازات التي حققها الجيش السوري في شمال حلب والحسكة ودير الزور؟
-الا يعتبر هذا التدخل العسكري رد فعل اولي على الانتصارات التي حققها الكرد في كوباني والحسكة وحتى مناطق من الرقة، وأصبحوا على أعتاب تل أبيض وهي منطقة حيوية يستخدمها مسلحو "داعش" في العبور إلى تركيا؟
-الا يشكل هذا التدخل محاولة لرفع معنويات "داعش"، التي تشير الكثير من الدلائل على انهيارها، لاسيما خلال الاشهر القليلة الماضية بسبب الهزائم التي منيت بها على يد الكرد والجيش السوري؟
-الا يشكل هذا التدخل محاولة للضغط على الكرد وافهامهم انهم تحت رحمة الجيش التركي في حال تماديهم في الاندفاع والسيطرة على المزيد من الاراضي وتثبيت مواقعهم فيها بعد طرد "داعش" منها؟
-لماذا كل هذا الاصرار التركي غير المبررعلى ابقاء قبر سليمان شاه في الاراضي السورية، واضفاء كل هذه القدسية على المكان، رغم انه تم تغيير مكان القبر في السابق بسبب بناء احد السدود؟
-لماذا ينقل قبر سليمان شاه الى قرية "آشمة" السورية والتي تبعد 200 متر فقط من الحدود التركية، والملاصقة لبلدة "كوباني"؟
-كيف يمكن ان تبرر تركيا احتلالها لقرية "آشمة" السورية، ورفع العلم التركي فوقها، على ضوء القانون الدولي؟
-كيف يمكن ان يقاوم 38 جنديا تركيا حصارا فرضته "داعش" عليهم على مدى ثمانية شهور؟
-كيف تمكنت القوات التركية للوصول الى قبر سليمان شاه دون ان تصطدم بـ"داعش"؟
-لماذا لم تقم "داعش" باي محاولة لتفجير قبر سليمان شاه رغم انه كان تحت سيطرتها؟
-لماذا لم يسقط جريح واحد للجيش التركي وهو يتوغل في ارض تحت سيطرة "داعش" ما عدا الجندي الذي قتل عرضا لدى تنفيذ العملية كما اعلنت السلطات التركية؟
-الا يجب ان تظهر الحكومة التركية "الاسلامية" و"غير الطائفية" و "غير القومية"، وعلى راسها اردوغان، بعض الغيرة الاسلامية ازاء مراقد الانبياء والاولياء والشخصيات الاسلامية التي فجرتها "داعش" والتي تهدد بتفجيرها في سوريا، كما اظهرت غيرتها على جد العثمانيين، وارسلت جيشا مدججا بالسلاح، واحتلت ارضا من اجل الدفاع عنه؟
-تُرى الا يحق للحكومة السورية، وهي صاحبة القرار في سوريا، ان تطلب المساعدة من حلفائها للدفاع عن مقدسات المسلمين، وفي مقدمتها اضرحة الاولياء والصحابة ومن بينها ضريح بطلة كربلاء عقيلة بني هاشم السيدة زينب (سلام الله عليها) حفيدة النبي الاكرم (صلى الله عليه واله وسلم) وبنت امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)، والتي يهدد التكفيريون وعلى راسهم "داعش" و "النصرة" بتفجير ضريحها الطاهر ليل نهار؟
كل هذه التساؤلات وغيرها الكثير، تحول دون اقتناع المرء بحقيقة العاطفة العثمانية الجياشة لدى اردوغان ازاء قبر سليمان شاه، وان حكايته مع هذا القبر في سوريا، تشبه الى حد بعيد حكاية جحا ومسماره، فالمسمار لم يكن سوى حجة ليأخذ البيت، والا فلا قيمة للمسمار لدى جحا.
اما علاقة تركيا بـ"داعش"، فهي حكاية اخرى، تكشفت فصولها منذ وقت طويل، وما نقل "داعش" للموظفين والعاملين ورجال الامن الاتراك في القنصلية التركية في الموصل، بعد سيطرة "داعش" عليها، الى بلادهم معززين مكرمين، الا جانب بسيط من هذه العلاقة، التي كشفتها اكثر عملية نقل قبر جد اردوغان "سليمان شاه".
مؤسسة القناة الإعلامية للبنت السورية
قسم الأخبار في الموقع الرسمي 2015/02/23