وثيقة السفر .. إجراءات أمنية شجعت السوق السوداء والتزوير وانعشت الفساد
مؤسسة القناة الإعلامية للبنت السورية 2014/11/18
##################################
ليست وثيقة جواز السفر بالنسبة لحاملها هي مجرد دفتر صغير يستخدمه للسفر والتنقل بين البلدان، بل هي وثيقة في مضمونها تعبر بالدرجة الأولى عن الإنتماء الوطني لحاملها حيثما ذهب إلى بلدان وأقطار أخرى
في المحصلة،.. تعتبر هذه الوثيقة هي إحدى أبسط حقوق الإنسان التي يكفلها القانون الدولي .. وإبتزازها وحرمان المواطن منها هو إبتزاز للقانون الدولي وإنتهاك لحقوق الإنسان
جواز السفر، هو الوطن الصغير الذي تحمله في حقيبتك عندما تسافر، وهو الوثيقة التي تكفل لك الرعاية والحماية في البلدان الأخرى بحسب ما هو مكتوب على الصفحة الأولى من الداخل في هذه الوثيقة حينما تتصفحها
هذه الوثيقة أيضاً .. تعني الشرف والكرامة بالنسبة لكل مواطن سوري يحملها، فهي تعبر عن إنتمائه لوطنه
---------------------------------------------------------
وفي الظروف الراهنة التي تمر بها سوريا من عدوان وإرهاب وتآمر، وما نتج عن هذه الأزمة من معاناة وألم ودمار وخراب، .. يتذكر المواطن السوري بحسرة تلك الأيام التي كان يقدم فيها إستمارته المرفقة بطابع قيمته 1500 ليرة إلى فرع الهجرة والجوازات ليحصل على جواز سفر خلال مدة 3 ايام كأقصى حد
لم تعد الأمور يسيرة كما كانت في السابق ..
فمعاناة المواطن السوري المغترب لم تعد تقتصر في الوقت الراهن على ما نتج عن سياسة العقوبات الظالمة المفروضة على شركة الطيران السوري، أو شركات الطيران الأجنبية التي قطعت رحلاتها إلى دمشق ..
حيث يضطر هذا المواطن للسفر إلى مطار بيروت الدولي ومن ثم إلى دمشق براً بالسيارة، وفي أغلب الأحيان تكون السفرة شاقة ومتعبة ومكلفة وفي أحيان أخرى خطرة
فقد اصبحت جوازات السفر بحد ذاتها معناة بالنسبة للسوريين، وذالك بعد ان أصبح كل مواطن سوري مغترب بحاجة إلى "موافقة أمنية" ليتمكن من تمديد أو تجديد جواز سفره
حيث ينتظر هذا المواطن ما بين 15 إلى 30 يوماً الرد من "الجهات المختصة" ليتمكن من الحصول على أبسط حقوقه الإنسانية
وفي حال الرفض، يصبح هذا المواطن بلا وطن .. كورقة الشجر اليابسة التي تأخذها رياح الخريف تارةً لليمين وتارةً لليسار دون ان تعرف هذه الورقة في النهاية اين ستقع ... وهل ستدوس عليها الأقدام ام لا !
الرفض لا يأتي عادة فقط للذين تخلفوا عن خدمة العلم او دفع البدل، أو بالنسبة للذين كانوا موظفين في الدولة ولم يتمموا ما عليهم من ذمم... بل هناك حالات كثيرة من الرفض تأتي لأشخاص غير موظفين وقد أتموا خدمة العلم، أو لديهم إعفاء من الخدمة "وحيد نهائي لوالده المتوفي"
---------------------------------------------------------
لم تتخلص سوريا حتي اليوم من المظاهر الأمنية والمخابراتية التي تخنق المواطن السوري وتضيق عليه حياته، بالرغم من كل الإصلاحات و"المصالحات" التي تقوم بها الدولة السورية
فالبلد الذي يعيش هاجس الأمن والمخابرات منذ إستقلاله وعلى مدار الحكومات المتعاقبة حتى اليوم، من الصعب جداً ان يتغير
و وسط هذا المشهد، وما يخصه في قضية جوازات السفر .. ينظر الإنسان السوري المغترب في المطار إلى ذالك الكلب الذي برفقة صاحبه الأجنبي والذي يحوز على جواز سفر، فيجد ان لذالك الكلب قيمة عند الدولة الفلانية أكثر من قيمته كمخلوق بشري في وطنه سوريا
على الأقل .. ذالك الكلب لا يحتاج إلى "موافقة امنية" للحصول على جواز سفر... أما صاحبه فهو أيضاً لا يحتاج لـ "واسطات وسماسرة وتبويس أيدين ورجلين ابو فلان" للحصول على ابسط حقوقه الإنسانية والوطنية كما هو حالنا نحن
فضلاً عن أن ذالك الإنسان الأجنبي عندما ينوي التغرب في اي بلد من بلدان العالم، لا يخشى حين عودته من أن يتم إستدعائه لـ "مراجعة الفرع الفلاني" بفعل تقرير كاذب وملفق بحقه غيرةً وحسداً ورائه شخص مرتزق وجاهل وجبان
---------------------------------------------------------
بدون ادنى شك .. لقد فتح إجراء "الموافقة الأمنية" الباب على مصراعيه أمام تجار الأزمة وشجع السوق السوداء وأنعش الفساد ..
فضلاً عن تنامي حالات التزوير لوثائق السفر التي بدأت تظهر جلياً، ما ينعكس سلباً على سمعة سوريا لدى الدول الأجنبية
وزارة الخارجية والمغتربين غير معنية بالأمر على ما يبدو، وهي لا تعلم (( او لا ترغب عمداً بأن تعلم )) ما يجري في المغتربات من صفقات تأتي باموال طائلة يجنيها الفاسدون من تجارتهم الجديدة بالبشر ..
ولكنها بالمقابل تعلم من هم اصدقائك في المغتربات وماذا تأكل وتشرب، ومتي تستيقظ، وأين تعمل !!
مشكلة الحكومات العربية واحدة على تنوعها ..
وهي انها اعطت اهمية كبرى للأمن السياسي والعسكري .. إلا انها لم تعطي أهمية للأمن الإجتماعي سيما ما يخص حياة المواطن وسلامته النفسية والفكرية والتربوية والصحية والإنسانية
فالأنترنت ممتلئ بحكايات وروايات لأناس كثيرين متعبين نفسياً ومجهضين من الذين دفعوا اموالاً طائلة للحصول على وثائق سفر .. البعض منهم تعرض للإهانة والأبتزاز من قبل الموظفين في السفارات
والبعض الآخر ذاق الذل والإهانة بطريقة أخرى،..
سيما عندما وجدوا ان أشخاصاً معارضين من ابناء جاليتهم قد حصلوا على جوازات سفرهم في أسبوعين فقط، بينما هم، وبإعتبارهم "موالين"، لم يحصلوا بعد على موافقات لتجديد وتمديد جوازات سفرهم
سعيد الحظ هو من يملك جنسية اجنبية ... فهو يملك جواز سفر آخر "بديل عن جواز الوطن" و وطن جديد بديل عن الوطن الأم، وهو بالتالي لا تتعطل اعماله ..
(( ولاكن يا اسفاه على هذا الزمن الذي جعلنا ندخل سوريا بجوازات أجنبية وكأننا سياح في وطننا الأم !! ))
يقول الكثيرون بأنهم لو كانوا خونة لوطنهم وإنجرفوا في مسار ما تسمى بـ "الثورة" لكانوا قد تلقوا معاملة افضل مقارنةً بما على ما هم عليه الآن من غرق في مستنقع التهميش والإقصاء
سيما وأن المصالحات الوطنية وقضايا "تسوية الأوضاع للمسلحين" تطرح تساؤولات جادة حول حقيقة ما يجري ..
فمشهد إستقبال المسلحين بهذا "الحضن الدافئ" وتقديم كل هذه الرعاية والإهتمام لهم هو امر صادم لأغلبية الناس
---------------------------------------------------------
بالرغم من كل ذالك.. ومن كل تلك العبارات المؤرقة والمزعجة التي تسبب التوتر والإنفعال ..
إلا ان الكثيرين من المواطنين السوريين الشرفاء والوطنيين المحبين لوطنهم لا يزالون يحافظون على روحهم الجميلة وأخلاقهم العالية
وبالدعاء والصبر لا يزالون يتمسكون ببلدهم سوريا
يغنون لها أجمل الأغاني، ويكتبون في وصفها اجمل التعابير والكلمات، ويرسمون علمها بنجمتيه الخضر في أروع اللوحات .. هي تلك حال مؤسسة القناة الإعلامية للبنت السورية، إحدى ضحايا "قضية الجوازات"
فالإنسان السوري الذي شرب ماء الوطن وأكل من خيراته لا يتخلى عن وطنه مهما تكاثروا المفسدين واللصوص وتجار البشر .. ولا يتنازل عن عشقه لترابه بحكم إرهاب وإجرام المعارضات أو القمع الأمني للأنظمة الحاكمة
أما وعيه فهو سيد الموقف ...
فالوعي الذي يمتلكه هذا المواطن السوري المظلوم اكبر بكثير من تؤثر فيه قضية دفتر من ورق يدعى "جواز السفر"، كما ان جيشه الباسل أعظم بكثير من أقل تضحية يمكن له ان يقدمها لأجل وطنه وشهدائه الأبرار
تلك هي المسألة ببساطة ..
أفلا تستحي هذه الدولة الأمنية المخابراتية من النظر في العيون الكئيبة والحزينة الباكية لهذا المواطن ؟
===================================
انا خوفي ع ولادي .. من ظلم الأيام، ع ارضي ع بلادي .. خوفي ع الأحلام
ما بعرف نحنا لوين رح نوصل لبكرا لوينن ، لا بتنام العين و لا القلب بينام
سرقوا منا المحبة قتلوا فينا الأحساس .. هالعالم صار بغربة و تفرقوا هالناس
عم يشتروا الأسامي عم بيبيعوا الكرامة .. والحقيقة قدامي صارت كلا أوهام
ما تسألني يا قلبي بهالعالم شو صار، هالدنيي صارت صعبه و هموم الناس كتار
يا هالأرض المجنونة بكره كيف رح بتكوني ،تعبو من الليل عيوني و كيف بدا العين تنام
مؤسسة القناة الإعلامية للبنت السورية 2014/11/18